" دوبي "
الحلقة الأولى
-قصة قصيرة-رعب-
وقفت سارة ناكسة الرأس أمام محمد وهو يخبرها أنها النهاية ..
نهاية قصة حب لم تستمر كثيراً ولكن عطائها فيها كان كبيراً ..
لم تستطع أن تنبس ببنت شفة .. ماذا تقول .؟! .. وإن قالت ماذا سيفيد كلامها
.. محمد أخذ القرار بالرحيل .. وعدوله عن هذا القرار أمر مستحيل ..
ولكن علي الرغم من صراعها الداخلي وضعفها .. أمسكت عن نزول دموعها أمامه..
فإن كان سيرحل .. فليترك لي كرامتي في أخر لقاء ..!
عبثاً ظل محمد يتحدث كثيراً عن أن هذا من أجلها وأنها لن تجد سعادتها معه
طالما أنها فشلت في الوصول إلى قلبه ..
كانت شاردة الذهن تماماً ولكن ترددت في ذهنها أكثر من مرة كلمة
"طالما انك فشلتي في الوصول
إلى قلبي .."
وكل التنازلات والتضحيات التي ضحيتها من أجل حبنا ..وكل ما صدقته من معسول
كلامك عن حبك وعن سهرك في ليالي غيابي .. وكم كان يقتلك ألمي وعذابي .. وانك ستكون
شمعة تحترق من أجلي في شيبي بعد شبابي ..!
كل هذا كذب .. كل هذا خداع .. مجرد كلمات خاوية لتضيع بعض اللحظات معي..
إن كان هناك إناس مثلك فلتقم القيامة ..!
كل هذا قالته في قراره نفسها ولم يخرج حرف منه من فمها .. فالموقف سلبها
القدرة على الحديث .. وبالرغم من محاولاتها المستميتة في التماسك فإذا بالدموع تفر
من عيونها ..
كذباً قال إن دموعها تقتله .. لو كانت تقتله كما يقول لما كان السبب في
نزولها ..!
ولكن السؤال الذي لم تستطع أن تكتمه بداخلها وخرج بنبره يتخللها الدموع
مختلطة بصوت الحسرة على ما مضى :
_"لم سرقتني من الجميع إن كنت لا تستطيع أن تحافظ علي .؟! "
سدي قال لها أن فراقهم الآن لهو أكبر دليل أنه حافظ عليها ولو لم يكن
لاستمر في قصة يعرف نهايتها .. فعلاقتنا محكوم عليها بالإعدام .. فلا داعي إذن ...
وقبل أن يكمل حديثه انفجرت فيه سارة قائلا :
_"أصمت .. كفاك جرحاً .. قمة الظلم أن تحاول بكل طاقتك أن تسعد شخص
بعينه بينما يكون هو سبب حزنك .. أتعرف .. كنت أشعر بالنهاية من فترة .. أحيانا لا
يحتاج البعض لأن يقول لك بصريح العبارة أنك مرفوض في حياته ! .. بعض التصرفات
والردود منه تفي بالغرض .. وقد لاحظت هذا من فترة ولكن ماذا أقول..أرحل يا محمد ..
أرحل بلا مبررات"
عبثا ظنت أن أخر كلماتها ستجعله يعدل عن قراره لأنه رحل فعلا كما قالت
له..رحل أخذا معه كل شئ جميل تاركا معها ماضي عليل !
في هذه اللحظة فقدت تماسكها وانهارت باكية .. في تلك اللحظة رن هاتفها
لترفض المكالمة في بدء الأمر ولكنه يرن مرة أخرى بإصرار فترد هذه المرة :
_ألو
_ألو .. كيف حالك يا سارة .؟!
_من معي .؟!
_كيف لكي ان تنسي صوتي .. انت لستي علي ما يرام .. ماذا بك .؟!
_من معي .؟!
_أنا سعيد .. أين انتي وماذا بك .؟!
_أهلا سعيد .. أسفة ولكن فرغت بطارية هاتفي ولم أتذكر ان أشحنها بالأمس
فأخذت هاتف أمي ولا يوجد عليه أرقام .. أنا في حديقة (.....) .. تعالى لتأخذني ..
وبالفعل ذهب سعيد ليجد سارة في حالة يرثى لها ..
كان من المفترض أن يقيلها لمنزلها ولكنه جلس بجانبها .. حاول أن يلقي مزحة
أو اثنين عله يرى علي وجهها ابتسامتها المعتادة ولكن باءت كل محاولاته بالفشل !!
حاول أن يعرف سبب حزنها ولكن دون فائدة فلم تعتد سارة قط أن تحكي ما بها
لشخص ..
حتى إن كان هذا الشخص هو سعيد أقرب صديق لها ..
حاول سعيد مرارا وتكرارا أن يخرجها من حالتها تلك .. ولكن لا حياة لمن
تنادي .. وحين تحدثت سارة لأول مرة منذ وصوله قالت له :
_"أريد أن أذهب إلى المنزل .. هيا بنا "
بالفعل لم يستطع سعيد أن يقاوم رغبتها وذهب معها حتى صعدت درج منزلها ثم
ذهب والأفكار تملآ رأسه ..
وفي المنزل دخلت سارة غرفتها .. غيرت ملابسها .. ثم استلقت علي السرير
بجانب "دميتها" أو كما تسميها دبدبوها "دوبي" لتحكي له كل شئ
.. كم أن محمد هذا نذل ولكنا لن تستطيع أن تنساه والأكثر من هذا أنها تتخيل ردوده
وتتناقش معه لاحظ أبويها هذه الشئ ولكن ظنا أنها تحكي له أسرارها نظرا لقلة
أصدقائها فلم يباليا للموضوع وأعطوه قدر حجمه في نظرهم ..
وفي الأيام التالية حاول السعيد التقرب منها أكثر وأكثر .. في كل أوقات
اليوم يتصل بها ويتحدث معها عن كل شئ ..
لا يريد شئ منها إلا أن يخرجها من هذه الحالة المذرية ..
يوميا يتحدث معها أكر من عشر مرات وإن حدث بينهم لقاء يظل معها بعد اللقاء
حتى تخلد في النوم ..
ملآ حياتها من جديد .. واستطاع أن يملآ الفراغ الذي تركه محمد فيها ورحل
وإن كانت تتذكره فيه من حين لآخر .. وخاصة إن قال لها كلمة كان يقولها محمد قبله
..
ولكنها اعتادت وجوده وصخبه في حياتها فلولاه لما استطاعت ان تتخيل كيف كانت
ستمر أيامها ..
وفي يوم من الأيام قرر سعيد ان يصارحها بحبه ..
ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ..
لقد رفضت حبه رفض تام وقالت أنها لا تريد أن تخسره وأنها ترفض أي علاقة
عاطفيه في حياتها فيكفي ما حدث من قبل ..
ولكنه كان مصر باستماتة .. يتحدث معها يومياً ..
يخبرها بحبه يومياً .. وكلما ترفض حبه وعرضه كلما ذاد إصراره وعنده !!
وفي يوم من الايام قال لها :
_"سأفعل أي شئ من أجلك .. وسأقوم بأي عمل كي أدخل قلبك .. ستجديني
معكي طوال الأوقات .. في حزنك قبل فرحك .. ولكن ثقي أنه لن يكون هناك حزن بتاتا ..
لا أريد غيرك من الدنيا .. سأعيد لوجهك الملائكي الجميل ابتسامته .. سأعيد سارة
التي اشتاق إليها الجميع .. ولكن أرجوكي
.. قولي أنك تحبيني ..
ذهبت بكلامه إلى عالم أخر ليعيدها سعيد إلى أرض الواقع بلمسه حانية من يده
لتقول له :
_ "أرجوك يا محمد يكفي هذا .!"
هنا سحب سعيد يده وقال لها مقتضبا وجهه :
_"أنا أسمي سعيد لا محمد .!!"
يتبع ,,

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق